مجلة عالم الرجل

أصيلة.. حيث استيقظت جدة في داخلي 2025

بقلم: رهف الزهراني

 

استيقظت ذات صباح على إيقاع مدينة حيّة، تحمل بين طرقاتها رائحة البحر وضجيج الحلم. وجدت نفسي أعبر شارع التحلية في قلب جدة، وهناك كان أصيلة، ليس مجرد فندق، بل نافذة أطلّ منها على المدينة وأصنع ذكرياتي معها.

منذ اللحظة الأولى، شعرت أنني ضيف على قصة مكتوبة بعناية. الغرفة التي استقبلتني لم تكن مجرد مكان للنوم، بل مساحة صُمّمت لتحتضن راحتي، بألوانها الهادئة، وأثاثها الذي يروي فخامة لا تتكلّف، وإضاءتها التي منحتني عزلة شاعرية أتأمل من خلالها أفق جدة النابض.

على السطح، أخذني المسبح إلى لوحة بانورامية للمدينة، لوحة تتبدل ألوانها مع غروب الشمس. ثم وجدتني الاحق الصخب، صخبًا يوقظ الجسد ويبعث في العروق حياة جديدة، هنا في نادي أصيلة الصحي، بين الأجهزة والأنفاس المتلاحقة كنت أستعيد طاقتي شيئاً فشيئاً، وكأن كل حركة تعيد تشكيل قوتي. ومن هناك، وكأن باباً خفياً انفتح، وجدتني أعبر نحو “أكروبورا”؛ مركز السبا الذي استقبلني بملامح السكون، فجأة انطفأ الصخب، وامتلأ المكان بهدوء يشبه الحلم، حيث ذابت ساعاتي بين جلسات استرخاء حملت تفاصيل العناية والترف.

لكن الذكرى الأجمل ولدت عند الطاولة في مطعم بامباس، حيث تذوقت أمريكا اللاتينية بنكهة جدة؛ مشاوي غنية وسيفيتشي طازج يلتقيان مع أفق المدينة من النافذة. وفي المساء، عرجت على سيدهارتا لاونج، حيث تمتزج الموسيقى بالسماء وتصبح جدة أكثر حياة. أما المحطة الأخيرة، فكانت من نصيب إل كافيه، حيث ختمت يومي برشفة قهوة، كأنها التوقيع الأخير على يوم متكامل.

غادرت أصيلة، لكنني لم أغادره حقاً. بقيت التجربة تسكنني؛ لتخبرني أن الضيافة ليست خدمة، بل قصة تُعاش وتُحكى.

أصيلة

Exit mobile version