بدأت بعض المدن في منطقة الشرق الأوسط ومع دخول شهر رمضان المبارك بتطبيق خطط تدريجية لإعادة تشغيل وفتح بعض القطاعات التجارية والاقتصادية الحيوية في خطوة من شأنها تعزيز حالة التعايش مع تداعيات انتشار فيروس كورونا والخروج بأقل الخسائر الاقتصادية في ظل تطبيق اشتراطات السلامة والصحة العامة. في حين تراقب مدن أخرى هذه التحركات عن كثب للاستفادة من تجارب الغير قبل الشروع في أي خطوة مماثلة.
ويقول التقرير الأسبوعي الصادر عن شركة المزايا القابضة إنها المرة الأولى التي يأتي فيها الشهر الفضيل وتخلو فيه الأسواق من حركتها المعتادة والتي تتميز بنشاط وحراك استثنائي ضمن مختلف القطاعات والمجالات، الأمر الذي رافقه أيضاً شح في البيانات والمعلومات والتوقعات حول مؤشرات الأداء على المستويين المحلي والإقليمي.
وعلى الصعيد العقاري، فإن جميع أطراف المعادلة العقارية أمام واقع جديد فرضته جائحة كورونا ويجب التعامل معه بذكاء في سبيل الصمود في وجه التحديات المتأتية جراء هذه الجائحة. فقد رصد تقرير المزايا سوق الإيجارات في دول مجلس التعاون الخليجي، والتي سجلت حالة من المرونة في العلاقات التعاقدية بين الملاك من شركات وأفراد والمستأجرين، حيث لاحظ التقرير مرونة من قبل الملاك في منح تخفيضات على القيمة الإيجارية السنوية، أو إعفاء المستأجرين من الإيجارات لبعض الأشهر، أو حتى تقديم تسهيلات بتأخير الدفعات الإيجارية.
كما ظهرت بعض الأصوات المنادية إلى إجراء بعض التعديلات التشريعية على القوانين المنظمة للعلاقة التأجيرية وبالشكل الذي يغطي بعض الجوانب التعاقدية وبخاصة خلال فترات الأزمات، وهو ما دفع بعض الحكومات إلى دراسة قانونية بعض الممارسات الإيجارية من قبل بعض الملاك تجاه المستأجرين والتي ظهرت على السطح خلال الفترة الأخيرة
ونوه تقرير المزايا إلى أن الأسواق العقارية تزدحم بكم كبير من الوحدات السكنية والتجارية المعروضة، وهناك عروض وصفقات استثنائية على مستوى الأسعار والتسهيلات المقدمة من قبل المطورين، وهو ما يفتح الباب أمام ترقب موجة من الطلب على العقارات وبشكل خاص من قبل المستخدم النهائي حال الانتهاء من هذه الأزمة وذلك ضمن مبدأ استغلال الفرص، في الوقت الذي نجد فيه أن الأسعار السائدة والعروض المنوعة أصبحت تتلاءم مع شريحة أوسع من أفراد المجتمع على الرغم من شح السيولة أو الحالة النفسية المسيطرة والرامية إلى عدم المجازفة بالسيولة المتوفرة في ظل ضبابية الموقف الاستثماري العام.
في المقابل، وفي ظل تراجع الأداء الاقتصادي الكلي وفي حال استمرت إجراءات الاغلاق، فإن توقف التدفقات المالية سيعزز من حالة الركود الاقتصادي وسيفاقم من الوضع في ظل التوقف الكلي لعمليات البيع والشراء وسيؤدي بطبيعة الحال إلى تعطيل أو تأجيل الكثير من المشاريع العقارية الجاري تنفيذها والتي ستفرض صعوبات وتعثر مالي لدى الشركات العقارية نتيجة عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها التعاقدية على مستوى تسليم الوحدات المباعة أو حتى تغطية نفقاتها التشغيلية والإدارية.
إلا أن تقرير المزايا استبعد أن تواجه شركات التطوير العقاري أو شركات إدارة الأصول العقارية ذات الملاءة المالية الصلبة أو الإيجابية تحديات مالية عميقة على مراكزها المالية حتى نهاية العام الحالي جراء الخلل الحادث في المنظومة التأجيرية بشقيها التجاري والسكني، وبشكل خاص الشركات الكبيرة والمتوسطة ممن لديها خبرة طويلة في السوق وتعتمد على مزيج متنوع من مصادر الدخل. حيث تمتلك هذه الشركات الكثير من الخيارات للحفاظ على مركزها المالي وفي مقدمتها عدم توزيع الأرباح والاحتفاظ بها لتوفير السيولة، بالإضافة الى خيارات إعادة جدولة الديون بالاتفاق مع المصارف وفق آليات تسديد تتناسب والتدفقات النقدية الحالية والمتوقعة.
من جهة ثانية، يرى تقرير المزايا في الحراك المسجل لدى بورصات المنطقة كاستجابة فورية لحالة التدرج في فتح القطاعات الاقتصادية كون هذه البورصات تمثل مختلف القطاعات وتعكس أية تطورات إيجابية وسلبية بسرعة، لتتصدر أسهم قطاعات المصارف والخدمات المالية والنقل وقطاع العقار والصناعة والرعاية الصحية قائمة الأسهم ذات الاستجابة الأسرع للتحركات ذات العلاقة بآليات وأدوات خطط التعايش مع تداعيات فيروس كورونا، فيما بقيت قطاعات السلع وإنتاج الأغذية تحت الضغوط والتقلبات بين جلسة وأخرى. والجدير ذكره هنا أن مؤشرات الأداء الاقتصادي يمكن قراءتها من خلال الاغلاقات اليومية لأسواق المال وبالتالي فإن المؤشرات المتوفرة تشير إلى بداية التعايش والاستجابة التدريجية خلال الأيام القليلة القادمة.
ومما لا شك فيه فإن قطاع العقارات التجارية هو الأكثر تأثراً من بين القطاعات العقارية الأخرى نتيجة التأثر المباشر بحالة الاغلاق والتي أضعفت الملاءة المالية للشركات العاملة. ومع الاتجاه نحو إعادة فتح القطاعات الاقتصادية تدريجياً فمن المتوقع أن يتفادى قطاع العقارات التجارية الكثير من التحديات والعقبات وفي مقدمتها الإفلاس والاغلاق بالإضافة إلى إمكانية تحسن قدرة شركات القطاع على سداد التزاماتها المالية.
وأختتم تقرير المزايا القول، بأن الأيام القليلة القادمة ستشهد قرارات مركزة حول الآليات الكفيلة والمراحل التي سيتم فيها إعادة تشغيل اقتصادات العالم، حيث تتجه الولايات المتحدة الأمريكية إلى إعادة تشغيل الاقتصاد على 3 مراحل، فيما تتأهب الكثير من دول الاتحاد الأوروبي لإعادة فتح القطاعات الحيوية وفي مقدمتها اسبانيا وإيطاليا وألمانيا، بعد أن سجلت كافة دول العالم تراجعاً كبيراً على مؤشر معنويات المستهلكين نتيجة تدابير الاغلاق، الأمر الذي ينذر بمخاطر أكبر في حال استمرت حالة الاغلاق لفترة أطول، ويجعل العالم على اعتاب ركود وشيك وعميق التأثيرات.