مجلة عالم الرجل

مجموعة رولز-رويس لاندسبيد تُعيد إحياء بطل في طيّ النسيان

 

نحن نرغب بطبيعتنا كبشر في أن نحقّق المزيد من الإنجازات ونتجاوز إمكانياتنا لبلوغ مستويات فائقة من النجاح. لطالما فهمنا في رولز-رويس هذه الرغبة الفطرية في توسيع الآفاق ورسم حدود جديدة، ومنها انطلقنا مجدداً لتصميم مجموعة لاندسبيد الجديدة لدينا.

 

تشمل هذه المجموعة طرازَي رايث وداون بلاك بادج، وتحتفي بشخص رائد وجريء لا مكان للخوف في قلبه. وهذا الشخص هو الكابتن جورج إيستون، خرّيج جامعة كامبريدج، وسائق سباقات، ومخترع موهوب وعبقري في مجال الهندسة. استطاع جورج في أواخر الثلاثينيات تحطيم الرقم القياسي العالمي للسرعة على الأرض ثلاث مرات باستخدام سيارته ثاندربولت التي تعمل بمحرّكَي طائرات   R V12من رولز-رويس. لقد كان بطلاً بكل معنى الكلمة في عصر مليء بمحاولات تحقيق النجاح، ولكنّه كاد هو وسيارته يُمَّحيان من الذاكرة منذ أكثر من 80 سنة.

ولذلك أردنا من خلال هذه المجموعة إعادة إحياء ذكرى إيستون وقصته المميزة. سيجد العملاء في طرازَي رايث وداون لاندسبيد عدة عناصر تصميم خفية وتفاصيل معدّة خصيصاً للاحتفاء بإنجازاته الرائعة ورؤيته العظيمة وشجاعته الاستثنائية.”

تورستن-مولر أوتفوش، الرئيس التنفيذي لشركة رولز-رويس موتور كارز

لطالما ارتبط اسم رولز-رويس بالأرقام القياسية العالمية في مجال السرعة على اليابسة والمياه لأكثر من قرن مضى. صحيح أنّ مآثر السير مالكوم كامبل موثّقة جيداً ومعروفة على نطاق واسع، إلا أنّ التاريخ لم يُنصف بطلاً بريطانياً آخر سجّل ثلاثة أرقام قياسية في مجال السرعة على الأرض باستخدام محرّكات رولز-رويس.

والآن بعد مرور أكثر من 80 عاماً، تستذكر رولز-رويس مآثر هذا البطل. فمن خلال مجموعة رايث وداون بلاك بادج لاندسبيد الجديدة، تكشف العلامة قصة الكابتن جورج إيستون الرائع وسيارته الاستثنائية ثاندربولت.

وُلد جورج إيستون عام 1897 وعشق رياضة السيارات منذ الصغر، فشارك في سباقات السيارات والدراجات النارية (تحت اسم مستعار) حين كان لا يزال في المدرسة. بدأت الحرب العالمية الأولى وعرقلت حصوله على شهادة الهندسة من كلية ترينيتي، كامبريدج حيث كان يدرس، فتجنّد وحاز على أوسمة عديدة حتى ترقّى إلى رتبة نقيب ومُنح وسام الصليب العسكري. أمضى هذا المخترع الموهوب فترة العشرينيات والثلاثينيات في تطوير سيارات السباق وقيادتها، كما حاز على عدد من براءات الاختراع لاسيما في مجال الشحن التوربيني الفائق.

وفي العام 1935، كان إيستون من أوائل المتسابقين البريطانيين الذين يسافرون إلى مسطحات بونفيل الملحية في ولاية يوتاه حيث سجّل أرقاماً قياسية جديدة في مجال ثبات السرعة القصوى لمدة 24 و48 ساعة. ومن ثم حاز على كأس سيغرافي الذي يُمنح للمواطن البريطاني الذي يتمتع بمهارات متفوقة ويُعرِب عن الشجاعة وروح المبادرة أرضاً وبحراً وجواً.

وفي العام 1937، عاد إلى المسطحات وحاول تسجيل ثلاثة أرقام قياسية عالمية من حيث السرعة على اليابسة مع سيارته ثاندربولت. تميّزت هذه السيارة الرائعة بثلاثة محاور وثماني عجلات كما بلغ وزنها سبعة أطنان، ما حدا ببعض كتّاب التقارير المعاصرة إلى إطلاق ألقاب فريدة عليها مثل “بهيموث” و”لوياثان”. صُنع الهيكل من الألمنيوم وكان مظهره الجانبي في الأصل مدوّر الحواف تعلوه زعنفة مثلثة كبيرة.

مجموعة تحتفي بالإنجاز والابتكار والشجاعة

تستمدّ مجموعة رولز-رويس لاندسبيد الإلهام من سيرة حياة جورج إيستون الرائعة وإنجازاته المحطِّمة للأرقام القياسية. كما صُمّمت عناصرها الجمالية من وحي المنظر المهيب لمسطحات بونفيل الملحية حيث جعلت منه ثاندربولت أسرع رجل على وجه الأرض وإن كان لفترة وجيزة. تتحلّى السيارتان في هذه المجموعة بلونين مميّزين يزاوجان بين الأسود الماسي المعدني ولون أزرق بونفيل المبتكر حديثاً من فريق بيسبوك. يحمل هذا اللون المبتكر خصيصاً أهميةً استثنائية في المجموعة إذ يتحوّل تحت ضوء الشمس من الأزرق الفاتح إلى الفضّي ليجسّد انعكاس السماء الشاسعة فوق بونفيل والمسطحات الملحية المتموجة على هيكل ثاندربولت المصنوع من الألمنيوم.

كانت ثاندربولت تعمل بمحرّكَي طائرات  V – 12توربينيَّين فائقين من رولز-رويس R بسعة 37 لتراً وقوة تتجاوز 2000 حصان. والجدير ذكره أنّه تم صنع 19 محرّكاً من هذا النوع فقط، وكانت من الندرة بحيث تم استقدام محرّكَي سيارة ثاندربولت من طائرة سوبرمارين S6.B حائزة على جائزة شنايدر والتي شكّلت مصدر إلهام لتصنيع طائرة سبيتفاير الأسطورية.

واليوم، يُحفَظ محرّكا R لسيارة ثاندربولت في متحف سلاح الجو الملكي، هندون ومتحف العلوم في لندن. أما السيارة بحدّ ذاتها فأصبحت مفقودة، إذ أنّه بعد عرضها في معرض المئوية في نيوزيلندا عام 1940، وُضعت في مستودع ولكنّها للأسف دُمِّرت عام 1946 حين اشتعلت النيران في 27 ألف حزمة من الصوف المحفوظ في المبنى نفسه.

الحفاظ على استقامة المسار

سجّل إيستون أرقامه القياسية على المسار السريع الدولي، وهو قسم خاص من مسطحات بونفيل الملحية يبلغ طوله 10 أميال (16 كلم) وعرضه 80 قدماً (24 متراً). تمتاز الطريق بتضاريس مستوية من جميع الجهات وتسطع بالبياض تحت نور الشمس، إلا أنّ غياب المعالم والوهج الشديد يصعّبان الحفاظ على المسار الصحيح وتقدير المسافة عند السرعات المرتفعة.

وفي هذا السياق، علّق جورج إيستون نفسه قائلاً: “رسمنا على السطح الملحي بعد تجهيزه بعناية عن طريق السحب، خطاً أسود أو عدة خطوط سوداء على امتداد الطريق. تعمل هذه الخطوط كدليل يمنع السائق من الشرود، إذ أنّ خطأً واحداً في توجيه العجلات لبضعة أقدام قد يؤدي إلى نتائج كارثية. فإذا شردت بضعة أقدام عن الخط الصحيح فقد يحدث أمراً آخر وتشرد عنه أكثر، وصدّقني لن تستطيع العودة إلى المسار أبداً.”

وبالفعل كان الانحراف عن الطريق السريع خطراً للغاية لاسيّما مع وزن ثاندربولت الهائل. ولذلك، رسم فريق إيستون خطوطاً داكنة على طول المسار ليتبعه إيستون، وقد كانت هذه الطريقة الفعالة الوحيدة للحفاظ على استقامة ثاندربولت بسرعة تتجاوز 350 ميلاً في الساعة.

تتجسّد هذه الفكرة البسيطة والعبقرية في مجموعة لاندسبيد عبر تفصيل مخرّم داكن في الجزء العلوي الوسطي من عجلة القيادة والذي يمتدّ إلى الخط المركزي لمقعد السائق ويعزّز جاذبية رايث وداون بالنسبة للسائق.

قد تبدو مسطحات بونفيل الملحية ناعمة للوهلة الأولى، ولكنّها في الواقع تضمّ شقوقاً متناهية الصغر. تجسّد الكسوة الخشبية على اللوحة الأمامية وأغطية وحدة التحكم في مجموعة لاندسبيد هذا الملمس المميّز من خلال تقنية محاكاة رقمية للسطح نفسه. بالإضافة إلى ذلك، يَظهر شكل ثاندربولت الفريد والأرقام القياسية التي حطّمها إيستون في التصميم الداخلي للسيارة على السطح المطلي بأكسيد الألمنيوم على الكونسول الوسطي لمجموعة لاندسبيد. كما تحتفي سيارة داون لاندسبيد برؤية جورج إيستون عبر رسم لجبال سيلفر آيلاند التي تهيمن على أفق بونفيل منقوشاً على القسم العلوي بين المقعدَين الخلفيَّين والمعروف لدى رولز-رويس بـ الشلال.

وبحسب كتب التاريخ، صمد الرقم القياسي الثالث والأخير لإيستون بسرعة 357.497 ميلاً في الساعة لمدة 341 يوماً. ويتم تخليد هذا الإنجاز في مجموعة السيارات الجديدة عبر نقش على غلاف ساعة لوحة العدادات بجانب الاسم “بونفيل”، تكريماً للمكان الذي جرى فيه تسجيل الرقم القياسي.

تُركت سيارة ثاندربولت الأصلية من دون طلاء، ما سبّب مشكلةً غير متوقعة. ففي المحاولات الأولى، عجزت معدات التوقيت الكهروضوئية عن التقاط جسم الألمنيوم المصقول على المسطحات الملحية البيضاء الساطعة، فتعذّر تسجيل توقيت دقيق. لذلك استنبط إيستون حلاً عبقرياً بسيطاً يقضي برسم سهم أسود كبير مع دائرة صفراء على الجانب لزيادة القدرة على الرؤية عند القيادة بسرعة عالية. تتمثّل هذه الرؤية في مجموع لاندسبيد عبر لمسات صفراء لامعة تشمل تفاصيل باللونين الأصفر والأسود على ممتصّ الصدمات الأمامي في السيارة.

كما يجسّد تصميم الساعة هذه القصة المميّزة. فقد استوحيت عقارب الساعة من أقراص لوحة العدادات في ثاندربولت مع تفاصيل باللونين الأصفر والأسود، ورأس أسود من وحي الأسهم المرسومة على الهيكل الخارجي للسيارة الأصلية.

تستقطب جاذبية مسطحات بونفيل الملحية الراغبين في تحطيم الأرقام القياسية وعلماء الفلك أيضاً. إذ يعشق مراقبو النجوم هذه البرية الشاسعة وغير المأهولة بفضل سمائها المظلمة بشكل استثنائي، ما يهيّئ الظروف المثالية لمراقبة النجوم من دون تأثير الأضواء الاصطناعية.

وفي سيارة رايث لاندسبيد، تجسّد بطانة السقف المرصعة بالنجوم سماء الليل فوق المسطحات في 16 سبتمبر 1938، وهو التاريخ الذي سجّل فيه إيستون وسيارته ثاندربولت رقمه القياسي الثالث والأخير عالمياً في مجال السرعة على الأرض. وقد تم تجسيد كوكبة النجوم على بطانة السقف بدقة من خلال 2117 نجمة من الألياف الضوئية، وهو أكبر عدد من النجوم التي تم عرضها في بطانة سقف رولز-رويس رايث على الإطلاق.

حاز جورج إيستون خلال حياته على ثلاثة أوسمة رفيعة، كان أوّلها وسام الصليب العسكري أثناء خدمته في الجيش خلال الحرب العالمية الأولى، ثم نال عام 1938 رتبة فارس من وسام جوقة الشرف بعدما حطّم الأرقام القياسية في سيارة ثاندربولت، وهو أرفع وسام مدني في فرنسا، قبل أن يتلقّى عام 1948 وسام الإمبراطورية البريطانية.

تتمّ الإشارة إلى هذه الأوسمة في سيارتَي رايث وداون لاندسبيد عبر تفاصيل خفية في باب السائق صُنعت من الحرير المضلّع نفسه والألوان المطابقة لأشرطة الوسام الأصلي. كما جرى تبطين مساند الذراعين على جانب الراكب وتحت تفصيل الشريط لإضفاء طابع مريح يوحي بكرسي “الكلوب” التي كان إيستون يعتمدها في كراسي القيادة التي يصنعها، ما شكّل مصدر متعة لزملائه المتسابقين.

 

تم إنتاج سيارات مجموعة لاندسبيد بكمية محدودة للغاية تبلغ 25 سيارة من طراز داون و35 من رايث، حيث تمّ توزيعها كلها على العملاء.

وفي الختام، عبّر السيد مولر أوتفوش قائلاً: “لطالما ترادف اسم رولز-رويس مع حسّ المغامرة والجرأة وتخطي الحدود عبر التاريخ. ويسرّنا من خلال هذه المجموعة أن نضيف بطلاً آخر لم يُنصفه التاريخ حتى الآن إلى مجموعة الروّاد المرتبطة أسماؤهم بعلامتنا الرائعة. يمثّل جورج إيستون الكثير من مبادئ رولز-رويس الفريدة من خلال رؤيته المميّزة وجرأته وإصراره وعبقريته في مجال الابتكار والاختراع. وبالتالي، تشكّل هذه السيارات تكريماً مناسباً طال انتظاره لشخصية ملهِمة بكل معنى الكلمة.”

 

Exit mobile version