مجلة عالم الرجل

نافذة أمل جديدة تؤخر السكري وتعيد تعريف الوقاية: السعودية تدخل مرحلة جديدة من الطب المناعي 2025

طالما داهم مرض السكري من النوع الأول العائلات من دون سابق إنذار، ودفع أطفالًا وشبابًا إلى غرف العناية المركزة فجأة، لكن طريقة التعامل مع هذا المرض القديم تشهد تحوّلًا جوهريًا ونقلة نوعية في عصرنا الحالي، وبدأت تبرز إمكانية تأجيل ظهوره لمتوسط فترة تتراوح من سنتين الى سنتين وسبعة أشهر لدى الفئات المعرضة، ما يمثل نافذة أمل حقيقية لإعادة تشكيل استراتيجيات الوقاية الصحية.

 

ووفقًا للدكتور بسام صالح بن عباس، استشاري الغدد الصماء والسكري في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، فإن هذا العلاج المناعي الجديد يشكل نقلة نوعية في التعامل مع داء السكري من النوع الأول، ولا سيما أنه لا يُعالج الأعراض فحسب، بل يستهدف جذر الخلل المناعي الذي يؤدي إلى المرض، عبر تثبيط الأجسام المضادة التي تهاجم خلايا البنكرياس المنتجة للإنسولين.

 

ويشير الدكتور بسام إلى أن ما يميّز هذا العلاج هو بروتوكوله المبسط وفعاليته العالية، إذ يُعطى بشكل يومي لمدة 14 يومًا، للأطفال والبالغين من عمر 8 سنوات فما فوق، وتُشترط نتائج فحوصات تؤكد وجود جسمين مضادين على الأقل كمؤشر خطر. وتُعد هذه المؤشرات قابلة للرصد في مرحلة “ما قبل السكري”، وهي المرحلة التي لا تظهر فيها أي أعراض سريرية، ما يعزّز أهمية الكشف المبكر كمدخل أساسي للوقاية.

السكري

في حين يرى الدكتور محمد الحربي، وهو استشاري الغدد الصماء وسكر الأطفال، وأستاذ مساعد في جامعة دار العلوم، أن هذا التقدم العلاجي يعيد تعريف مفهوم الوقاية، حيث لم تكن أي من المحاولات السابقة، مثل إعطاء الإنسولين عن طريق الفم أو الوريد، أو تعديل النظام الغذائي، قادرة على منع الإصابة بالسكري من النوع الأول. لكن مع هذا العلاج المناعي الجديد، أصبح بالإمكان تأجيل المرحلة الثالثة من المرض وتأخير الاعتماد الكامل على الإنسولين، مما يمنح المرضى فترة حماية ثمينة.

 

وتُشير الأرقام إلى أن نحو 90٪ من المصابين بالسكري من النوع الأول ليس لديهم تاريخ عائلي للمرض، ما يعزز من الدعوات لتوسيع نطاق الكشف المبكر ليشمل المجتمع بأكمله، من دون أن يقتصر على أقارب المرضى، وهي الفئة التي انطلقت منها البروتوكولات الجديدة في مستشفى الملك فيصل.

 

وتحمل رسالة الأطباء بعدًا إنسانيًا كذلك، فعبارة “زراعة الأمل” تشير إلى الزراعة الوحيدة التي يصاحبها تحفيز للمناعة لا تثبيط لها كما في زراعة الأعضاء، لأنها تبعث الأمل في نفوس الأطفال وأسرهم، وتعكس عمق الأثر الذي يحمله هذا التقدم العلاجي، لا كمجرد إنجاز طبي، بل كحراك وطني نحو تحصين الأجيال.

 

وقالت لمى صالح، مدير عام الأدوية العامة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج في سانوفي أن هذه لحظة أمل. من خلال دعم الفحص المبكر والعمل قبل تطور مرض السكري من النوع الأول ، فإننا نساعد في تغيير طريقة إدارة المرض في المملكة. نحن نستعيد اللحظات الثمينة – ما يقرب من 1,000 يوم أخرى بدون الأنسولين – في حياة المرضى وعائلاتهم التي يمكن أن تضيع بسبب مرض السكري المناعي الذاتي من النوع الأول.

 

وفي الختام، فإن العلاج الوقائي الجديد هذا يمثل نقلة نوعية في مواجهة السكري من النوع الأول، ليس فقط من خلال فاعليته في تأجيل الإصابة، بل أيضًا بما يحمله من تحول في فلسفة التعامل مع المرض، مما يعكس رؤية صحية شاملة تقوم على الوقاية قبل العلاج، وتسعى إلى تحسين جودة الحياة للفئات المعرضة للإصابة. كما يقدم فرصة حقيقية لتأسيس برنامج وطني للكشف المبكر والوقاية، يُعيد تعريف مستقبل

التعامل مع السكري المزمن، ويسهم في تحقيق مستهدفات الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية في المجال الصحي.

 

إقرأ أيضاً: فريق عبداللطيف جميل – لكزس للسباقات يواصل تألقه في الجولة 2 من بطولة السعودية تويوتا لكسر الزمن

 

 

Exit mobile version