أشار تقرير إرنست ويونغ (EY) حول نشاط الاكتتابات العامة للربع الرابع من عام 2020 بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى تسجيل تسع صفقات اكتتابات عامة بلغت قيمتها 1.86 مليار دولار أمريكي، بانخفاض للعدد لإجمالي للاكتتابات بنسبة 40% وللعائدات بنسبة 94% مقارنة بعام 2019. وجاءت 6 من أصل 9 صفقات اكتتاب في القطاع العقاري، اثنان منها لصناديق استثمار عقارية (ريت)، أما الصفقات الثلاث المتبقية فكانت لقطاعات الرعاية الصحية والسلع الاستهلاكية والتأمين.
وعلى الرغم من الصورة الباهتة التي بدا عليها عام 2020، مع خلوّ الربع الثاني من أي اكتتابات وتسجيل اكتتاب واحد فقط في الربع الثالث، إلا أن الربع الرابع شهد انتعاشاً واضحاً بإدراج أربع صفقات اكتتابات عامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقيمة إجمالية بلغت 925 مليون دولار أمريكي. ومع انخفاض عدد الاكتتابات العامة بنسبة 33% وتراجع عائداتها بنسبة 97% مقارنة بالربع نفسه من عام 2019، إلا أن الربع الرابع من عام 2020 سجّل أعلى العائدات في عام 2020.
وعلى الصعيد العالمي، واصل عدد الاكتتابات العامة ارتفاعه في عام 2020، حيث تم تسجيل 1,363 اكتتاباً بزيادة بنسبة 19% عن العام السابق. وبالإضافة إلى ذلك، زادت العائدات بنسبة 29% مقارنة بعام 2019، حيث بلغت 268 مليار دولار أمريكي؛ وهي أعلى عائدات تم تسجيلها بعد الرقم القياسي لعام 2010 البالغ 290.2 مليار دولار أمريكي من 1,361 اكتتاباً.
وقال ماثيو بنسون، رئيس خدمات استشارات الصفقات والاستراتيجيات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى EY: “إن تراجع النمو الاقتصادي والاضطراب الكبير الذي شهدته مختلف القطاعات جرّاء تفشي فيروس كورونا المستجد، إلى جانب انخفاض الطلب على النفط، ترك تأثيراً كبيراً على أداء سوق الأوراق المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020. كما تأثرت الأسواق على المستوى العالمي. وشهد السوق في النصف الأول من العام أعلى تقلبات له منذ الأزمة المالية العالمية، لكنها هدأت بسرعة، وشهد سوق الاكتتابات العامة أداءً جيداً في النصف الثاني منه. ومع بداية عام 2021، نعتقد أن استمرار إجراءات التحفيز المالي ووفرة السيولة وزيادة الثقة في برامج التطعيم ضد فيروس كورونا ستساهم في الحفاظ على هذا الأداء الإيجابي”.
ومع أن السوق المالية السعودية (تداول) شهدت انخفاضاً بلغ 30% تقريباً في بداية عام 2020، إلا أنها انتعشت في نهايته، وحقّق مؤشر العائدات نمواً بنسبة 3.6%، مدعوماً بانتعاش أسعار النفط الخام. وشهدت مؤشرات البورصة المصرية أكبر تراجع بين المؤشرات المرصودة، بخسارة بلغت 22.3%. أما سوق أبوظبي للأوراق المالية، فقد اختتمت هذا العام بشكل مستقر نسبياً، بينما انخفضت مؤشرات سوق دبي المالي وبورصة الكويت بنسبة 10% و13% على التوالي خلال الفترة نفسها. وشهدت أسواق الأوراق المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقلبات عالية وارتفاعاً ملحوظاً في متوسط قيم التداولات اليومية في البورصات الرئيسية.
السعودية تواصل قيادة سوق الاكتتابات العامة
واصلت المملكة العربية السعودية تصدرها لسوق الاكتتابات العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث إجمالي عدد الصفقات وقيمة عائداتها. واحتلت السوق المالية السعودية (تداول) المركز الأول في المنطقة هذا العام بأربع صفقات بلغت قيمتها الإجمالية 1.45 مليار دولار أمريكي، وتمثل 78% من إجمالي الاكتتابات العامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2020.
وحققت الاكتتابات العامة في الربع الأخير من عام 2020 أكبر عائدات خلال العام، ويرجع ذلك أساساً إلى إدراج أسهم شركة بن داود القابضة (584 مليون دولار أمريكي)، في ثاني أكبر إدراج لهذا العام بعد مجموعة الدكتور سليمان الحبيب للخدمات الطبية (701 مليون دولار أمريكي) التي سبق وأُدرجت أسهمها في الربع الأول من عام 2020. وجرى كلا الإدراجان في السوق الرئيسي لـ “تداول”.
كما شهدت المملكة العربية السعودية عدة مبادرات جديدة تركت تأثيراً مهماً على النشاط المستقبلي للاكتتابات العامة في المملكة، وتضمّن ذلك السماح بالإدراج المباشر في السوق الموازية “نمو”، إضافة إلى إطلاق سوق المشتقات المالية. وبالإضافة إلى ذلك، تم الإعلان في الربع الرابع من عام 2020 عن تحديثات إضافية تتناول الإفصاحات التي أصبحت إلزامية باللغتين الإنكليزية والعربية، بالإضافة إلى زيادة مجال تقلبات الأسعار اليومية للإدراجات الجديدة في السوق الرئيسية.
وقال عبد الرحمن مولاي البزيوي، رئيس خدمات استشارات الأعمال والاستراتيجيات في المملكة العربية السعودية لدىEY: “أظهرت الأسواق المالية في المملكة العربية السعودية قدرتها على الصمود خلال عام 2020، سواء من حيث السيولة أو الأنظمة المتبعة. ولا تزال أسواق المملكة تحظى بنظرة مستقبلية إيجابية لعام 2021. ومع استمرار نمو السوق المالية السعودية (تداول) وتعزيز مكانتها في الأسواق المالية العالمية، فإنها تبرهن على أهميتها المتزايدة بالنسبة للمستثمرين الذين يتطلعون إلى توظيف رأس المال المحلي والاستثمار الأجنبي المباشر”.
ومن المتوقع أن تشهد المملكة أكثر من عشرة إدراجات في عام 2021. علاوة على أن “تداول”؛ وهي أكبر بورصة في المنطقة، تستعد لطرح الاكتتاب العام الخاص بها مع التوقعات بالانتهاء منه في عام 2022، مما يجعلها ثالث بورصة عامة مدرجة في المنطقة بعد سوق دبي المالي وبورصة الكويت.
واختتم غريغوري هيوز، رئيس خدمات الاكتتابات والعناية الواجبة للمعاملات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى EY، بالقول: “مع أن نشاط الاكتتاب العام في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كان ضعيفاً نسبياً طيلة عام 2020، إلا أن إعلان عدة هيئات تنظيمية في المنطقة عن قيامها بتغييرات إيجابية خلال هذا العام، يشكّل فاتحة خير للشركات العامة الحالية والمستقبلية. وتعطي بداية عام 2021 مؤشرات قوية لتجديد التفاؤل، حيث نلحظ موجة قوية من الاكتتابات العامة في الأسواق الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ونتوقع أن يزداد النشاط تدريجياً خلال العام الجديد. كما لاحظنا في الأشهر الأخيرة بعض الاهتمام بصفقات الاندماج مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة المدرجة في الولايات المتحدة، والذي جاء في أعقاب زيادة محدودة للنشاط في هذا المجال خلال العامين الماضيين في المنطقة”.