لقد تسارعت خطوات الثورة الرقمية لتحقق إنجازات غير مسبوقة في مجال الاستدامة. وكان للاستدامة حصة كبيرة في الرؤية التي وضعتها المملكة العربية السعودية لعام 2030 بعد أن تم تسليط الضوء على الحد من الأضرار التي لحقت بالبيئة منذ الخطوات الأولى التي اتخذتها المملكة باتجاه المستقبل الأخضر. كما أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد السعودي عن مبادرة السعودية الخضراء التي تهدف إلى تحقيق أهدافه ورؤيته في حماية البلاد من التغيرات التي يشهدها العالم.
ومنذ الإعلان عن المبادرة في أكتوبر 2021 تخطت الاستثمارات في مكافحة التغير المناخي 700 مليار ريال سعودي، وتعد المبادرة عامل رئيسي لتحقيق رؤية السعودية 2030 نحو مستقبل أخضر. بالإضافة إلى فرص الابتكار التي ستخلقها، فوفقا لتصريحات صاحب السمو الملكي فإن المبادرة ستخلق فرص عمل نوعية، وتوفر فرص استثمارية ضخمة للقطاع الخاص.
تهدف المبادرة الخضراء لمكافحة المخاطر البيئية وتوجيه المنطقة نحو عصر جديد يعزز دور المملكة الريادي في تعزيز التكنولوجيا الخضراء. ولا بد من التنويه على أنه لولا اتخاذ خطوات فاعلة في مجال الاستدامة فإن الاضرار الناجمة من الموارد المستهلكة والمهدرة ستصل إلى 4.7 مليار طن متري بحلول 2050 وفقا لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون من الولايات المتحدة. ولكن مع إشراك الصناعات الرئيسية ودعمها للمبادرة سنتمكن من مكافحة التغييرات المناخية بالتوازي مع تطوير نماذج اقتصادية مبتكرة. حيث أن تعزيز الاستدامة وبناء روابط قوية بينها وبين سوق العمل سيبني تحولاً كبيراً للشركات وأصولها. وسيساهم نهج الاستدامة في تعزيز الصناعات وتنظيمها عبر العديد من التطبيقات التكنولوجية الحديثة مثل بلوكتشين وانترنت الأشياء التي تضمن للشركات تحقيق نجاحات طويلة الأمد من حيث الإيرادات والاستدامة.
نحن نتجه نحو مستقبل يعتمد على الطاقة والتكنولوجيا ويتمحور حولهم، مما سيؤثر سلبا على المناخ. لكن الاستثمار في الطاقة المتجددة سيعكس الهدر في الطاقة والتلوث البيئي الذي تخلفه الصناعات لتحوله إلى طاقة يمكم الاستفادة منها. وتهدف المملكة لتأمين وحدات مدعومة بالطاقة المتجددة بنسبة 100٪ والتأثير على المناطق المجاورة لتحذو حذوها في مكافحة تغير المناخ وتحقيق اقتصاد ناجح للسير نحو مستقبل أخضر.
ريادة التكنولوجيا المستدامة في مجال الأعمال
سيكون لاعتماد الشركات التقنيات المستدامة أثر فاعل في مجابهة المخاطر التي تتعرض لها. وسيسهم ذلك في تطوير منهجياتها وتحسين ايراداتها بشكل ملحوظ مع حماية البيئة في آن واحد. إن هذه الخطوات التي تتخذها المملكة العر بية السعودية تشكل دعامة تعزز المبادرة السعودية الخضراء. وتسلط الضوء على أهمية الاستدامة والطاقة المتجددة بالحفاظ على البيئة. وهذا هو العامل الأساسي الذي سترتكز عليه المشاريع الضخمة في المملكة (نيوم).
أن اتخاذ خطوات فاعلة في مجابهة هذه المشكلة ستحد من التأثير السلبي للنفايات الإلكترونية التي تتزايد بشكل ملحوظ في الأعمال التجارية في وقتنا الحالي. ولعل أهم ما يميز التكنولوجيا المستدامة هي أنها تتضمن نظرة للمستقبل يتطلبها الكثير من المستثمرين لأنها تسهم في زيادة ملحوظة في الأرباح. سيتضمن إعداد هيكلية الأعمال المستدامة اليوم تغيرات عديدة في المجالات التقنية لأنه يعتبر القوة الرائدة في الثورة الصناعية الخضراء. تعد شركات مثل شيبسي على سبيل المثال، نموذجاً مثالياً للشركات الأخرى حول كيفية اعتماد التكنولوجيا المستدامة بطريقة فعالة من حيث التكلفة. ونجحت الشركة اللوجستية في تطوير الذكاء الاصطناعي لدعم عمليات التسليم مع التقليل انبعاثات الكربون. كما صرح السيد سوهام تشوكشي، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة شيبسي: “تدعم شيبسي الشركات في مختلف أرجاء العالم من أجل تسريع وتيرة تحقيق أهداف الاستدامة اللوجستية الخاصة بهم، حيث تخفض من نسبة المسافات المقطوعة بنسبة 5%، مع تقليل حجم الرحلات بنسبة 6%، وتضمن زيادة قيام السائقين بعمليات التسليم بنسبة 14% لكل سائق، وتعمل كذلك على خفض نسبة الفشل في التوصيل من خلال تحديد عنوان التوصيل بشكل أكثر دقة.”
انترنت الأشياء وسلاسل الكتل (البلوك تشين)
إن التطور الذي شهدته التقنيات الرقمية ساعد على خلق إمكانيات جديدة أثبتت فعاليتها ولفتت الأنظار حول أهمية الاستثمار فيها مستقبلا. تكمن أهمية انترنت الأشياء والبلوكتشين في النفوذ الذي تضيفه للصناعات التي تستثمر فيها.
سيساهم الاستثمار في انترنت الأشياء في الحد من الهدر الذي يحصل في جميع أنواع نفايات كما سيلعب دوراً مهم في تحسين الأنظمة الصناعية. كان العرض الذي قدم بخصوص التقنيات الرقمية المتقدمة واعداً، حيث أنه تمحور حول توفير حلول طويلة الأمد والكفاءة في إدارة الموارد. ونظرة مستقبلية متفائلة عن الدور الذي ستلعبه كل من انترنت الأشياء والبلوكتشين في تحسين الأنظمة المتقدمة والحد من استهلاك الطاقة.
يضمن استخدام تقنية التعاملات الرقمية مستقبل أكثر أمنا للأصول. ولعل شركة ايدونيوس خير مثال عن الشركات التي تعمل لتمثيل التقنيات المتطورة بالاعتماد على العملات الرقمية. حيث أنها تستخدم تقنية البلوك تشين مع وجود استراتيجية أمنية شاملة تستخدم أطر الأمن الإلكتروني وخدمات الضمان وأفضل الممارسات للحد من مخاطر الهجمات والاحتيال. سيؤدي اعتماد هذه التقنية في الاقتصاد إلى دعم النظام الأساسي الذي يعمل على تشغيل البيانات باستهلاك الطاقة الخضراء
المخاوف المتعلقة بالأمن والخصوصية
لعل فكرة تطوير مجتمع رقمي في المنطقة سيواجه بضع تحديات عموما وخصوصاً فيما يخص أمن وسلامة البيانات والخصوصية. يجب أن تأخذ هذه المخاوف بعين الاعتبار في رحلة التوجه نحو استخدام التكنولوجيا المستدامة. فمن الضروري أن تعي الصناعات كل التحديات الصبة التي من الممكن أن تقف في طريق الرقمنة لكونها مجال كبير ومتقدم للغاية.
كما يجدر الإشارة إلى أهمية برامج الأمن السيبراني التي يعزز استخدامها الحماية ويجابه استغلال البيانات ويتصدى للهجمات الإلكترونية لذلك فإن الاعتماد على هذه البرامج أمرًا حيويًا عند تطبيق برنامج نظام جديد ينظم التكنولوجيا. وتؤمن هذه البرامج في المملكة العديد من الشركات كشركة” تقنية سايبر” وهي شركة سعودية متخصصة في مجال تقنية وأمن المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني الصناعي، والاستخبارات الإلكترونية التي تعمل لتوطين منتجات وحلول الأمن السيبراني. ومع استخدام برنامج أكرونيس الفعال والموثوق يمكن أن تضمن الشركات حصولها على درجة عالية من الأمان.
الاقتصاد الأخضر
إن الانتقال إلى الاقتصاد منخفض للكربون الذي يعتمد على استراتيجية إدارة النفايات سيكلف حوالي 1.8 تريليون دولار أمريكي سنويا، ولكن هذه التكلفة يمكن استردادها من خلال الإنتاج فعال والاستدامة.
إن استبدال الكربون بالطاقة المتجددة وتعزيز الاستثمار في الموارد المستدامة سيحقق إنجازات لافتة إضافة إلى الحفاظ البيئة.
بالنسبة لرؤية المملكة 2030 , يشارك رئيس أرامكو ومديرها التنفيذي أمين ناصر وجهة نظره المتفائلة خلال قمة الاتزان الرقمي (سينك) أن ابداعات الشباب ودعم شركته للتسريع الرقمي، تنمو الشركات وتعزيز نوعية الحياة.
وعبر أمين ناصر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو عن تفاؤله بخصوص رؤية المملكة لعام 2030 عبر قمة الاتزان الرقمي (سينك) و أن ابداعات الشباب والدعم الذي تقدمه أرامكو لدفع عجلة الرقمنة، قد عززت من تنمو الشركات نوعية الحياة فيها.
المستقبل الأخضر
التوجه نحو المستقبل الأخضر سيعود بفوائد كبيرة للعالم من حيث الاستخدام الصحيح للطاقة والحد من الهدر في النفايات. وإن المملكة العربية السعودية تتخذ الخطوات والإجراءات اللازمة لحماية المناخ وتقوم بتنفيذ برامج لتقليل انبعاثات الكربون لتحقيق رؤيتها المتمثلة بالوصول إلى الحياد الصفري في عام 2060.
إن هذه الخطوات والتغييرات التي يتطلبها التحول نحو المستقبل الأخضر سيكون لها تأثير كبير على المستهلكين الذين أصبحوا على درجة كبيرة من الوعي بالمخاطر التي خلفتها التكنولوجيا التقليدية وآثارها الضارة بالبيئة التي يعيشون بها. ويسهم اعتماد التقنيات الحديثة والرقمنة، كأساس في رحلة الحذو نحو الاستدامة، في مكافحة التغيرات المناخية وحماية عالمنا وبيئتنا. حيث أن التكنولوجيا الخضراء تساهم في تقليل استهلاك الطاقة وتقلل من سنوات التنظيم بالإضافة إلى تقليل التكاليف.