“بعد أن كاد يغرق قاربنا سبحت لليونان أنا وأختي متمسكتين به وهو يترنح”، هكذا روت السباحة السورية يسرا مارديني التي شاركت في فريق اللاجئين بأولمبياد ريو للسباحة الألمانية قصة لجوئها المذهلة لبطلة العالم السابقة فرانسيسكا فان ألمسيك.
وقالت السباحة في حوار أجرته معها بطلة العالم السابقة لصالح صحيفة “بيلد” الألمانية الواسعة إنها تلقت عدداً كبيراً من الطلبات التي يريد أصحابها صناعة فيلم عن قصتهما، حتى من هوليوود.
يسرا شاركت في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، ضمن فريق اللاجئين بعد أقل من عام على وصولها إلى العاصمة الألمانية برلين برفقة شقيقتها بعد رحلة لجوء خطيرة، حيث قطعت جزءاً من رحلتها إلى اليونان سباحة.
غابت البسمة
وسألت فرانسيكا، يسرا عن سبب غياب البسمة التي توقعت أن تراها على وجهها وهي تغادر حوض السباحة في السباق الأخير الذي خاضته، فأوضحت الفتاة السورية، البالغة من العمر ١٨ عاماً، أنه ما كان هناك من سبب لتبتسم لأجله، إذ كان عليها أن تؤدي بشكل أفضل، فعلى الرغم من أنه كان من الواضح عدم امتلاكها فرصة خوض السباق النهائي وإحراز ميدالية، لكنها كانت تودّ على الأقل تحطيم أفضل رقم سجلته سابقاً، لكنها لم تستطع.
وتحدثت يسرا في حوارها الذي نُشر الاثنين 15 يوليو/تموز 2016 عن الذكرى السنوية المميزة بالنسبة لها، ألا وهي خروجها من سوريا في الـ١٢ من شهر أغسطس/آب 2016، مستذكرة كيف أمضت مع أختها ٢٥ يوماً في رحلة لجوئها لتصل مع أختها إلى برلين.
الموت
ولدى سؤالها حول ما إذا كانت خائفة حينها، قالت: “بالطبع، لكن لم تكن هناك خيارات أخرى. كانت هناك إمكانية لموتي بشكل يوم في سوريا، إذ لم يكن يمر يوم دون قنابل، إطلاق رصاص، هجمات. لم يكن بوسعي مواصلة الذهاب للمدرسة، أو التمرين”.
وأردفت: “وعندها قلنا: إما أن تموت هنا أو تموت وأنت تفر، الأمر يستحق المحاولة”.
وتحدثت السباحة الألمانية السابقة عن رحلة اللجوء المذهلة التي خاضتها يسرا وأختها واضطرتا للسباحة في جزء منها متمسكتين بقارب، خشية غرقه، مشيرة إلى أن ما كان لكاتب سيناريو تخيل ما جرى لهما.
عروض من هوليوود
وأكدت يسرا أنها تلقت عدداً كبيراً من الطلبات التي يريد أصحابها صناعة فيلم عن قصتهما، حتى من هوليوود.
وعن كونها أصبحت نجمة صغيرة يود الناس التقاط صور سيلفي معها وأصبحت من الشخصيات التي يرغب الصحفيون في إجراء مقابلات معها، قالت الشابة السورية إن ذلك يزيد الضغط عليها، لكنها تتفهم ذلك، لأنها جزء من فريق اللاجئين، ولديهم رسالة، إذ هناك ٦٠ مليون لاجئ في كل أنحاء العالم، ويجب أن تغرس قصتها في نفوس اللاجئين الأمل.
الخجل والآي فون
وعن انطباعها الأول لدى وصولها لألمانيا، قالت إنها كانت تشعر بالخجل في البداية، إذ كانت محرجة من كونها لاجئة. وبسؤالها عن السبب، قال مارديني: “إن الناس كانوا يظنون أننا فقراء، ليس لدينا ألبسة، أو منزل، لا يعرفون ما يعني هاتف آيفون. لكن ذلك ليس صحيحاً. كنت أعيش حياة جيدة، إلى أن تم تفجير منزلي بالقصف”. وفيما إذا كانت تود حمل علم بلادها، وهي ترى الفريق السوري مشاركاً، في إشارة إلى الفريق الذي أرسله النظام السوري، قالت يسرا: “سوريا هي بلادي وستبقى كذلك دائماً بالطبع. تعلمت وعايشت الكثير هنا. ألمانيا هي موطني الجديد. وأنا ممتنة لحصولي على هذه الفرصة الفريدة. وكذلك فريق اللاجئين هو موطني الثاني. أنا الآن كالطفل ذي الثلاث بلدان”. وعن خططها بعد المشاركة في الألعاب الأولمبية، قالت يسرا إنها تخطط للذهاب في إجازة لعدة أيام إلى العاصمة النمساوية فيينا بقصد زيارة أصدقائها، موضحة أنها الميزة الوحيدة لدى اللاجئين، وهي امتلاكهم أصدقاء في جميع أنحاء العالم. وكانت مارديني قد خاضت منافسات سباق ١٠٠ متر سباحة حرة وسباحة الفراشة، لكنها خرجت من المراحل التمهيدية. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مارديني قولها إنها تود مواصلة السباحة ومساعدة اللاجئين في مختلف أنحاء العالم، وستبدأ بدراسة مشاريع.
وأضافت أنها لم يتملكها هذا الشعور من قبل طوال حياتها، فشعرت بالتوتر والسعادة، موضحة أنها كانت ترتجف لدى نقطة الانطلاق وقبل أن تخوض السباق شعرت وكأنها لا تعرف حتى كيف تسبح، لكن سرعان تغير الوضع بعد أن دخلت للماء.