لم تكد الضجة التي أحدثتها قضية تحرش بعض اللاجئين الشباب في مخيمات الإيواء في ألمانيا ببعض الفتيات الألمانيات في أعياد رأس السنة الأخيرة تنتهي، حتى لحقت بها جريمة « شيلان وسفين»؛ لتزيد من النار المشتعلة، وتعيد الجدل مرة أخرى عن الهوة الكبيرة التي تفصل بين المجتمعات الأوربية، وبين تقاليد وأعراف الوافدين الجدد من اللاجئين، الذين قد يفشلون في التأقلم مع العالم الجديد، وقد تناقلت وسائل الإعلام العالمية ومنها البريطانية تفاصيل هذه الجريمة التي عززت من قوة الفئة الرافضة لقبول الوافدين في المجتمع الأوربي، والتي أظهرتها كثافة التعليقات المصاحبة لنشر الخبر في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، فكيف بدأت وانتهت حكاية « شيلان وسفين»؟
حب تحت الوصاية
«شيلان» فتاة عراقية من الطائفة الأيزيدية، تبلغ من العمر 21 عاماً، كانت قد فرتْ مع عائلتها إلى ألمانيا في التسعينيات، وهي في الثالثة من عمرها، وبالفعل حصلت على الجنسية الألمانية، ودرست وتعلمت في مدينة «هانوفر»، ودخلت الجامعة ووصلت إلى المرحلة المنتهية من دراسة «إدارة العقارات»، وخلال السنوات الأخيرة حصل والدها غازي، 50 عاماً، على فرصة للعمل في مشروع خاص به في العراق، وكان يسافر لبعض الوقت إلى العراق ثم يعود مجدداً إلى عائلته، وفي سفرته الأخيرة طلب من أخيه «نعمان» الذي يعيش معه في ألمانيا أن يرعى عائلته وبناته في غيابه، وأن يهتم باحتياجات الأسرة لحين عودته، لكن الأخ تمادى في هذه الوصاية خاصة عندما علم بحب وتعلق ابنه «سفين» (22 عاماً) بابنة أخيه «شيلان»، فقام بإعلان خطوبته لها من دون أخذ الإذن من الأب الغائب أو الحصول على موافقة ورضا الفتاة، بل إنه طلب من ابنه أن يقدم لها خاتم الخطبة والشبكة، التي يسمونها في العراق (النيشان) وبدؤوا بالتحضير لترتيبات العرس دون الالتفات إلى رفض الفتاة وعدم اقتناعها بابن العم العاشق.
الأب يساند ابنته
عاد الأب غازي من العراق وشكتْ له الابنة «شيلان» من تصرف عمها وابنه، وتوسلت إليه أن يفسخ هذه الخطوبة لأنها لا تحب ابن عمها «سفين»، ولا تريد الارتباط به ولا تقبل الدخول في زواج تقليدي وعشائري مُرتّب من الأهل، ورفق الأب بحال ابنته، ولم يحاول إجبارها على المضي في هذه الزيجة؛ خاصة وأنه قد رباها على الثقة بالنفس وحرية الاختيار، وذهب إلى أخيه وطلب منه فسخ الخطبة بشكلٍ ودي وأعاد إليه الخاتم والمصوغات، متمنياً لابن أخيه زوجة أخرى غير ابنته.
انتقام ابن العم العاشق
ظن الأب أن الأمر قد انتهى عند هذا الحد، لذا عاد إلى حياته الأسرية العادية، وفي إحدى الليالي كان في حفلة عرس بصحبة بناته يرقصن الدبكات مع المدعوين، وفي الساعة العاشرة ليلاً دخل ابن العم إلى قاعة الحفل، وحول الفرح إلى مأتم بعد أن صوّب مسدسه إلى ابنة عمه، وعاجلها بثلاث طلقات اخترقت رأسها وأوقعت الجميع في ذهولٍ وصدمة، ثم فر هارباً تاركاً وراءه ابنة عمه غارقة في دمها، وما تزال الشرطة الألمانية تبحث عن «سفين» بعد أن ألقتْ القبض على أبيه وشقيقه، الذي كان قد وفر له السلاح، رغم القوانين الألمانية الصارمة التي تمنع تداول واقتناء السلاح.
أما الأب المفجوع فقد نشر صورة ابنته القتيلة التي راحت ضحية العشق من طرف واحد، وكتب على الفيس بوك يقول:«بكل مشاعر الحزن العميق وألم الفقدان، أعلن عن مقتل ابنتي الشابة الجميلة، التي راحت ضحية الأعراف والتقاليد القبلية البالية، رغم أنها مواطنة ألمانية عاشت في هذا البلد معظم سني حياتها