Page 31 - Issue 75
P. 31
ذلك فأنتم المسؤولون.
إني أطلب منكم ومن غيركم أن من رأى مني شيئاً مخالفاً
فليوضحه لي وليرشدني إلى طريق الحق وليكن كما قال عمر
بن الخطاب لمن أراد أن ينصحه( :فليكن ذلك بيني وبينه)
فوالله إذا رأيت الحق أتبعه لأني مسترشد ولست بمستنكف،
ومـن رأى شيئا وكتمه فعليه لعنة الله والملائكة والناس
أجمعين.
أما المظلمة التي تصلني فإني لا أتركها بل أبحثها وأحقق
فيها ،والتي لا تصلني فالذنب فيها على من رأى وكتم ،وإذا
علمت به فسيكون جزاؤه عندي أعظم من جزاء غيره.
وإني أحثكم على العمل الذي فيه اكتساب معيشتكم ،فابذلوا
كل ما في وسعكم لذلك ،وهذه أرض الله واسعة فاسعوا في
مناكبها ولا تركنوا للكسل و الخمول فإن عاقبتهما وخيمة.
إن الذي دعاني لجمعكم في هذا المكان هو النصح لكم حتى
لا يغتر السفيه بالحلم ،ولا يسترسل في غوايته ،وأحذركم من
أمرين:
الأول :الإلحاد في الدين والخروج عن الإسلام في هذه البلاد
المقدسة ،فوالله لا أتساهل في هذا الأمر أبداً ،ومن رأيت منه
زيغاً عن العقيدة الإسلامية فليس له من الجزاء إلا أشده ،ومن
العقوبة إلا أعظمها.
الثاني :السفهاء الذين يسول لهم الشيطان بعض الأمور المخلة
بأمن البلاد وراحتها ،فهؤلاء شأني معهم شأن الديناميت مع
النار.
الناس أحرار في مآكلهم ومشاربهم ومرازقهم ونزههم ،ومن
اعتدي عليه فليراجعني لأنصفه ،ولو جاءني أي إنسان وقال:
إن ولدك فيصل أخذ مالي واعتدى عل ّي ،فإن رآني أنصفته منه
علم أني أقول وأصدق في القول ،وإن رآني أهملته وساعدت
ولدي على ظلمه فعند ذلك يكون له الحق عل َّي.
ولينعم كل إنسان بنعمة الإسلام ،وحرية الإسلام ،وغير هذا
لا نعمة و لا حرية ،فمن كان مشارفاً بنظره من قرب أو بعد
فليعلم أن الناس لم يتركونا رحمة أو عطفاً ،وإنما تركونا لأن
الله أراد تأييدنا و نصرنا.
وقد أتيت بهذا البيان نصيحة لمن قد يغويه إبليس بوسواسه،
وإني إذا قلت فعلت ،وإذا فعلت أمضيت ،ثم لا أبالي بما يكون.
هذه نصيحتي يبلغها الشاهد منكم الغائب ،وليعلم الجميع أني
لا أحمل حقداً على أحد إلا على شخصين ...إما رجل ملحد
في الدين أو يقصد هذه البلاد بسوء ،فمن كان في نفسه شيء
من ذلك فلا يأمنن عقابي.
وقد كنت أريد الإيقاع ببعض من أعلم فيهم ذلك ،ولكني منعت
نفسي وأحببت تقديم هذا النصح للجميع ،وأسأل الله التوفيق
لنا في أعمالنا.
وفي الختام أوصيكم بتقوى الله واتباع كتابه ،والاهتداء بسنة
نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن تعضوا عليها بالنواجذ،
وأنتم أهل بلد الله وسكان حرمه الشريف ،ويجب أن تتمسكوا
بذلك أكثر من غيركم ،والله الهادي إلى طريق الرشاد.
29